بسم الله الرحمن الرحيم
بنو ساسان مثال للحمق والسفه وسوء النظر
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
من العدل والنصف والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم ولأهل العلم بالتقوى بعلمهم وتقواهم إعطاءُ مَنْ هم أهل لذلك حقهم وما ذكره الله عنهم في كتابه العزيز ومن ذلك قوله تعالى : “وآخرين منهم لما يلحقوا بهم” ذكر مجموعة من أهل العلم بالتفسير والحديث والأصول في علوم القرآن والسنة أن المقصود بالآخرين مجموعة من الأعاجم من الهند والباكستان والأفغان وفارس وغيرها من البلاد غير العربية.
فالحمد لله الذي ظهر من هذه البلدان مجموعة من علماء المسلمين في الإيمان والاعتقاد والتفسير والحديث وأصولهما في اللغة العربية وعلومها وفي الفقه وأصوله وغيرها من علوم الدين والدنيا. صاروا رحمهم الله أئمة في الإسلام وكذلك أتباعهم خدموا الإسلام ونشروا علومه وكانوا خير خلف لخير سلف من الصحابة والتابعين فهؤلاء وإن كانوا منهم تربة فهم من عباد الله الصالحين الأتقياء قلوبهم طاهرة ونفوسهم زكية وألسنتهم رطبة بذكر الله وبما يحب الله وأقلامهم حفظت للإسلام فضله وعلمه وذخائره فقد اختارهم الله لهذا الفضل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله تعالى يقول : “إن أكرمكم عند الله أتقاكم “.
وإذا كان حديثنا يختص ببني ساسان فلكل شيء استثناء ولكل عموم تخصيصاته ولكل إطلاق تقييداته . فحديثنا عن بني ساسان وحمق بني ساسان وسفه وسوء نظر بني ساسان يتعلق بعمومهم ممن هو مؤهل
منهم لهذه الصفات دون خصوصهم ودون من منًّ الله عليهم بالفضل والعلم والتقى.
فبنو ساسان يعرفهم التاريخ قبل الإسلام وبعده. سجل لهم التاريخ وعنهم الخبث وسوء النظر في أحوالهم وتصرفاتهم واتجاهاتهم وإدارة أحوال بلادهم.
ولعلنا نعرض لتاريخ حياتهم قبل الإسلام وما باؤا به من الهزيمة والوبال في حربهم مع الروم وتغلب الروم عليهم قال تعالى :” غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ” وتم ذلك من الروم على الفرس .
ولعل من أخزى مواقف قادة بني ساسان مما كان له الأثر الأبدي في دمار قيادتهم وتمزيق سلطانهم موقف كسرى من خطاب رسول الله r إلى كسراهم بدعوته إلى الإسلام حيث مزق خطاب رسول الله r فدعا عليهم رسول الله r بتمزيق حكمهم فلم تقم لهم قائمة عامة إلى يومنا هذا . وهم في تطلعاتهم إلى إعادة السلطة الساسانية وفي حركاتهم نحو ذلك مشمولون بقوله تعالى :”كلما أوقدوا نارا الحرب أطفأها الله .
والتاريخ يؤكد أن حركاتهم ومواقفهم المخزية المتكررة والمتعددة في أزمان كثيرة قد باءت بالفشل والخزي والعار فكانت عليهم حسرة وندامة وخسارة في الأموال والدماء يقول التاريخ أن قياداتهم موسومة بالحمق.
ومن أكبر حماقتهم موقفهم من رسالة رسول الله r إلى كسراهم وتمزيقه إياها فمزق الله ملكهم إلى يوم القيامة. ومهما حاولوا لإعادة السلطان الساساني فلن يقدروا. فقد استجاب الله دعاء نبيه بدمار سلطانهم وتمزيقه. وتم ذلك بالرغم من محاولاتهم المتكررة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان . وهم ينفقون أموالهم ودماءهم ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون.
وإذا كان علينا واجب الاستدلال على حماقتهم فنبدأ بمقارنة بين موقف المرأة بلقيس ملكة سبأ – اليمن – حينما أرسل لها نبي الله سليمان عليه السلام خطابا يدعوها إلى الإسلام قالت لقومها : يا أيها الملأ إني ألقي إليًّ كتاب كريم . إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين وفي الأخير قالت : رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين . حيث هداها الله ومَلَؤُها المشابهُ لها في العقل والتبصر وسلامة التدبر إلى سلامة بلادها وملكها واستمرارية الحكمة اليمانية في بلادها.
يقابل هذه الصورة المشرقة من ملكة اليمن الصورة المخزية من كسرى الفرس وملئه. وذلك في موقفه من خطاب رسول الله r المتمثل ذلك الموقف في الحمق والاستعلاء والغطرسة والغرور فباء بذلته وذلة دولته وتمزيقها شر تمزيق وأيلولة ممتلكاته وخزائنه بما ذلك تاجه الغالي إلى غنائم المسلمين . فأي الفريقين أحق بالفضل وحسن التصرف؟ وأي الفريقين أحق بالحمق وسوء النظر والعاقبة؟
الصورة الثانية : حينما تتابعت الانتصارات للمسلمين على الفرس و غنم المسلمون من ا لفرس أموالهم ونفائس مقتنياتهم . وكان بدء ذلك في عهد الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان من الغنائم صندوق مختوم عليه فجيئ به إلى والي العراق آن ذاك وهو الحجاج الثقفي في عهد الدولة الأموية فعرضه للبيع في مزاد وبحضور خواصه على شرط أن يفتحه أمامه من يسرو عليه البيع وبحضور من في مجلسه . فرسا المزاد على أحدهم ففتحه فإذا داخله صندوق مختوم كالثاني ففتحه فإذا بداخله صندوق مختوم كختم الثالث وهكذا استمر في فتح الصناديق داخل الصندوق الأول حتى انتهى إلى آخر صندوق حجمه كعلبة الكبريت وإذا بداخله ورقة مكتوب فيها مَنْ أراد أن تطول لحيته فليمشطها
من أسفل . ثم بعد ذلك قال الحجاج : والله ما عملت إلا أنني أعرف حماقة بني ساسان.
الصورة الثالثة لحماقة أجيال بني ساسان . حينما كان أحمدي نجاد رئيسا لحكومة إيران قرر عدم ترشحه في انتخابات الرئاسة لفترة ثانية. ثم عدل عن ذلك وقرر الترشيح في الانتخابات لفترة ثانية. فسئل عن ذلك فقال : جاءني المهدي في المنام وقال لي : يا أحمد ترشح مرة ثانية وسأنتخبك وسيصوت لتصويتي من تفوز بتصويتهم فكان هذا سبب عدولي عن عزمي على عدم الترشيح . فقا من سأله هل تتصرف في حياتك وفق أحلام مناميه وأنت من أنت عقلا وثقافة وذكاء وبعد النظر ؟ فقال نحن الإيرانيين صنف من البشر ندين بالخزعبلات والخرافات ونعتبر الأوهام حقائق . بل نحن نؤمن بأكثر من ذلك . فها نحن ننتظر الآن الإمام الثاني عشر وهو طفل مات منذ ما يزيد على ثمانية قرون من الزمان. فقنع السائل وقال : اللهم لك الحمد على نعمة العقول .
الصورة الرابعة ما يزاوله الشيعة في اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام حينما يقيمون في هذا اليوم مأتما بمناسبة استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه بحجة أن من أسلافهم من تولى قتله . مع أن للتاريخ قولا أن الذي تولى قتله الخوارج . وسواء أقتله خارجي أم رافضي فإنما إثمه على الذي قتله ولا تزر وازرة وزر أخرى . أمن العقل والبعد عن الحمق وسوء النظر أن يُحَمَّل الناس إلى يوم القيامة آثار هذه الخطيئة النكراء وبتوجيه ممن يَدَّعون العلم والإمامة فيه . أليس هذا الوضع أبشع صورة ممسوخة رديئة توجه للإسلام وتشريعاته وهو منها براء ؟
أين العقول أئمة الشيعة وملاليهم وحججهم . لا شك إنها العقول الحمقى وراء هذا الحمق والسفه والضلال . فهذه صورة تعطي العالم صورا تشويهية عن الإسلام زورا وبهتانا.
الصورة الخامسة لحمق بني ساسان إنهم يريدون إعادة الإمبراطورية الساسانية بلباس الإسلام وهم من الإسلام أبعد كبعد النجوم عن الأرض وجه ذلك :
وحفظه وجمعه وكذلك الجهاد في سبيل الله وتفرقوا – رحمهم الله – في البلدان الإسلامية بعد فتحها ودخولها في دين الله تفرقوا في ارض الله دعاة ومعلمين ومبلغين سنة رسول الله . وبنو ساسان يصفون أصحاب رسول الله بصفاتٍ الرافضةُ أحقُ بها وهم أهلها .
فهم أولاد زنى فما الفرق بين أن يأتي فاسق ويتفق من فاسقة مثله على ممارسة جنسية معا بأجر معين ومدة محددة وبين أن يأتي رافضي فيتفق مع امرأة مثله بالتمتع بها جنسيا لمدة محددة وبأجرة معلومة علم أهلها ذلك او لم يعلموا المهم أنها تتولى طرف العقد ومريد التمتع بها يتولى الطرف الآخر في عقد نكاح المتعة . فما الفرق بين الحالين؟
هذه بعض من مواقف وأحوال بني ساسان في الاضطراب في الاعتقاد وفي التفاعل مع الخرافات والأوهام وفي الانضمام وراء ألوية الفتن في الانصياع لدعاة الشيطان وفي إهمال شعوبهم مما يتعلق بحياتهم الأمنية من حيث الأمن بمختلف مرافقه . وقبل كل شيء وبعده محاولاتهم الفاشلة في إعادة السلطان الفارسي الذي عجز عن تحقيقه أسلافهم بمختلف عصورهم منذ أن مزقه الله . وقد باؤا بالخسائر في أموالهم ودمائهم وسوء السمعة عنهم في المحيط الإسلامي وفي المحيط العالمي . وحركاتهم في واقع الحال تؤكد أنهم حمقى وذوو خبث وسوء طوية وأن الثقة بهم معدومة والأخوة الإسلامية معهم مقطوعة. وأما القول بأنهم سيئوا انظار وتصرف فإن نوجبه وذلك يتضح مما يلي:
ومساحتها الإجمالية لا تقل عن ثلاثة ملايين كيلو متر حيث تتسع لما لا يقل عن مائة مليون نسمة .
يقدم لهم على موائد أكلهم ليشتروا بثمنها ما يرخص ثمنه وتقل قيمته مما هم في حاجته .
أليس تبذير أموال إيران في مواقع الفتن وملاعب الشيطان وترك الشعب الإيراني يتضور حاجة وفقراً. أليس هذا من سوء النظر وخفة العقوا وانتفاء الكفاءة الإدارية لدي الملالي ؟
ومع أنهم يبذلون جهوداً مختلفة في سبيل تصدير ثورتهم إلا أنهم لا يستطيعون إخفاء عنصريتهم الساسانية وقوميتهم الفارسية ينظرون إلى شيعة العرب على انهم من طينة دون طينة الفارسي فلا يجوز ان يعامل الشيعي العربي كما يعامل الشيعي الفارسي . فهم كإسرائيل في تعاملها مع يهود الشرق من عرب وأفارقة وغيرهم فليس اليهودي الغربي كاليهودي الشرقي من حيث الاعتبار في المواطنة والمستوى الاجتماعي والامتيازات الحقوقية والنظامية والأخلاقية والخدمات العسكرية . وشيعة العراق والخليج من العرب يعرفون ذلك ويصطلون بنار التفرقة العنصرية مع شيعة إيران وغالبهم يكتم ما يلاقيه مهم جرياً وراء المثل القائل : الكلب مع خانقه. ولمرجعيه شيعة لبنان مواقف توجيهية وتبصيريه للشيعة العرب . والتأكيد لشيعة العرب بأن الشيعي العربي عند شيعة فارس من الدرجة الثانية أو دون ذلك بالنسبة للشيعي الفارسي .
وقبل أن أختم قولي هذا أوجه كلمة إلى الملالي العمائم السوداء فقد قيل لنا بأن المتعارف عليه لدى الشيعة أن العمامة السوداء لا يلبسها إلا من كان من سلالة سبطي رسول الله rالحسن والحسين رضي الله عنهما وأرضاهما فإذا كان هذا الاصطلاح مبنياً على حق بعيد عن الادعاء وكان هؤلاء القوم ذوو العمائم السوداء – من أصول عربية آل رسول rفما وجه انحرافهم عما عليه أبوهم رسول الله r وما كان عليه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين عن إخلاص العبادة لله وحده والحرص على حماية جناب التوحيد والبعد عن التعلق بغير الله تعالى في المنع والعطاء والنفع والضر والتعظيم والهيبة والاجلال وكمال العبادة. وما وجه ولائهم للقومية الساسانية وأطماعها وطموحاتها وعدائها المبطن للعرب عامة
والحال أنهم من جوهر عالٍ في النسب العربي فهم من كنانة ومن قريش ومن بني هاشم ومن نسل رسول اللهr . وأخيرا ما وجه اقتناعهم بأخذ بعض مكاسب عباد الله من الشيعة حينما يستبيحون لأنفسهم أخذ الخمس من كل كسب يكسبه الشيعي.
حتى لو كان فراشاً أو من منظفي الشوارع ويقولون زوراً وبهتانا بأن هذا من الفيء الذي لآل رسول الله حق فيه والحال أن الفيء هو ما يحصل عليه ولي الأمر من الأموال العامة المحصور تملكها لبيت المال. وليس لأصحاب العمائم السوداء . فإن كنتم حقاً من آل رسول الله فاتبعوا سنة أبيكم رسول الله في الاقتداء والاتباع والدعوة . وأرعوا حق إخوانكم العرب فهم من دمائكم وجلودكم . واتقوا الله في أموال عباد الله فأخذكم إياها ظلم وبغي وعدوان وتقُول على الله وعلى رسوله بغير حق ولا سلطان.
واختم هذا المقال بالإشادة بالمواقف الوطنية التي أعلنها بعض المفكرين من الشيعة في السعودية والتي تتجاوب مع العقل والمواطنة الصادقة والانتماء الوفي للوطن ومجتمعه وقيادته. وأرجو من إخواننا الشيعة في بلادنا أن يدركوا أن بلادهم السعودية هي التي أقلتهم أرضها وأظلتهم سماؤها وترعرعوا في ربوعها ، ونهلوا من خيراتها وعاشوا فيها هم وآباؤهم واجدادهم آمنين مطمئنين ، وأن الولاء يجب أن يكون لها ولقيادتها الحريصة على حمايتها وتطويرها وتعميم خيراتها على عموم شرائح مواطنيها . هذا هو الذي يقتضيه الصدق والولاء لها ولمصالحها . وأن التعلق بعدو يبطن الخبث وسوء النية والطوية ويظهر ما يمكن أن ينطلي على عقول السذج من الناس هو عين الحمق وسوء النظر والكفر بالوطن وحقوقه وأختم قولي بقول الله تعالى :” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” وبقوله تعالى :” أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض” والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
10/7/1436 كتبه:
عبد الله بن سليمان المنيع